مزروعات تسقى بالصرف الصحي في ريف دمشق وعقوبـــــــات غير رادعـــــــــة

شو صاير 13:05 28-09-2022

لم تسلم غوطة دمشق التي كانت تسمى رئة دمشق، من عبث العابثين وطمع الجشعين الذين ذهبوا بعيداً في استغلال حاجة الناس اليومية للغذاء فكان أن استخدموا الوسائل كلّها لتحقيق غايتهم وأطماعهم في حصاد أكبر قدر ممكن من الأرباح والثروات، ولو كان ذلك على حساب صحة وسلامة وحياة المواطنين، ويتجلى ذلك بسلوكهم اللا أخلاقي باستخدام مياه الصرف الصحي لسقاية المزروعات في عدد من مناطق الغوطة بحجة عدم توافر المياه الصالحة للسقاية والري، الأمر الذي يهدد بانتشار الأمراض والأوبئة وتلوث البيئة والمياه الجوفية.

مزروعات مروية بمياه ملوثة

مدير الزراعة في ريف دمشق المهندس عرفان زيادة قال: إن عدداً من الفلاحين يستخدمون مياه الصرف الصحي في سقاية المزروعات، ويعود ذلك لتضرر أعداد كبيرة من الآبار التي كان يُعتمد عليها في تأمين السقاية، إلا أن هذا لا يبرر، لافتاً إلى أن البعض منهم يتذرع بعدم توافر مادة المازوت لتشغيل المضخات لاستجرار المياه النظيفة، وتالياً عدم توافر المياه للسقاية في ظل انقطاع الكهرباء، حيث بين أن أراضي الغوطة كانت تعتمد على نهري بردى والأعوج وبعض الينابيع الأخرى في ري المزروعات، وعلى استخدام المياه المعالجة قبل تدمير البنى التحتية خلال فترة الحرب العدوانية على سورية.
وأوضح زيادة أن المديرية تتابع هذه الظاهرة، وتقوم بضبط المخالفات وخاصة الزراعات الصيفية، لكون الكثير منها يُؤكل نيئاً، منوهاً بأنه يتم العمل على تكثيف المتابعة نظراً لتحذيرات وزارة الصحة من انتشار بعض الأمراض ومنها:»الكوليرا»، وتفادياً لانتشار أي مرض، يمكن أنه تنقله المزروعات المروية بمياه الصرف الصحي.
وأشار زيادة إلى أن المديرية اتخذت جملة من الإجراءات الصارمة، ولجأت إلى التوعية عبر الوحدات الإرشادية لمنع سقاية المزروعات بالمياه غير المعالجة، لما تسببه من مخاطر وتترك أثرها على البيئة والإنسان والتربة والمياه الجوفية والنواحي الصحية جميعها، إضافة إلى ذلك يتم إتلاف المزروعات الضارة المروية بالمياه الملوثة، مع القيام بحراثة الأرض عبر جرارات المديرية وتركساتها، وذلك استناداً إلى المرسوم التشريعي رقم 59 لعام 2005، مضيفاً: إنه تم تنظيم 100 ضبط، وفلاحة800دونم كانت مزروعة بمزروعات وخضار صيفية ومروية بمياه غير معالجة مثل: الملفوف والملوخية والباذنجان والخيار والنعنع والبقدونس والخس وغيرها من الحشائش التي يتم استهلاكها في الصيف، ناهيك بتنظيم الضبوط بحق المخالفين.
ولفت زيادة إلى أن هذه العقوبات غير رادعة لكونها لا تعدو غرامات مالية بمبالغ قليلة ما يؤدي إلى عودة البعض إلى استخدام مياه الصرف الصحي في سقاية مزروعاتهم، والعمل جار على تعديل بعض الفقرات لتصبح العقوبات رادعة.

إبعاد مياه الصرف الصحي عن قنوات الري

ودعا زيادة إلى اتخاذ حلول سريعة للمشكلة من خلال إبعاد مياه الصرف الصحي عن مجاري الأنهار والينابيع وقنوات الري والإسراع بإنشاء محطات المعالجة، علماً أنه يوجد عدة محطات منها: الزبداني، ديرعطية، وفي هذه المناطق يتم استخدام المياه المعالجة وفق المواصفات القياسية السورية والاشتراطات البيئية.
ولفت إلى وجود عدد من محطات المعالجة في معظم المناطق، لكن الإرهاب كان له دور في تدميرها وخروجها من الخدمة، وذكر محطة عدرا التي كانت تجر كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي وتعالجها وتصرّفها بقنوات ري باتجاه مناطق دوما والغوطة الشرقية، إذ كان الفلاحون يروون مزروعاتهم على قنوات من المياه المعالجة، اﻵن محطة عدرا تعمل بجزء من طاقتها التصميمية.
وكشف زيادة عن دراسات تجري حالياً لإشادة محطة في جرمانا بالقرب من شبعا، إلا أن تكاليف تلك المحطات باتت باهظة جداً حالياً، وهذا ما يشكل عائقاً دون تنفيذها.
وإضافة للمحطات المشادة في سهل الزبداني، ودير عطية، يتم العزم على إشادة محطة بجرمانا بالقرب من شبعا، معلناً عن وجود عدة دراسات، وتشكلت لجنة في ريف دمشق لوضع تصور وإشادة محطات على أراضٍ من أملاك الدولة، لكن التكاليف الباهظة ﻹشادتها تشكل عائقاً أمام تنفيذها.
كل هذا لا ينفي وجود زراعات نظيفة في ريف دمشق بحسب زيادة إذ إنه لا يزال هناك من يرفض سقاية مزروعاته بمياه الصرف برغم مرورها بالقرب من أرضه، مشيراً في هذا إلى عدد من أعمال الصيانة التي جرت على خطوط الصرف الصحي في عين حور، لمنع التسريبات منها، ورفع الأضرار عن الأراضي الزراعية، كذلك فإن مياه الآبار في جديدة عرطوز سليمة، وتم تنظيف الريكارات وشبكة الصرف في المنطقة،خاصة بعد ورود شكاوى من الأهالي عن الاشتباه بتلوث مياه الشرب.