الكل يعرف أن الدولار كاذب ولا رصيد له من الذهب ..لكن الضغوط الأمريكية أجبرت الكثير من الدول على ضخ استثمارات دول العالم في السندات الأمريكيه والتي باتت تقدر ب سبعة تريليون دولار . وتتصدر الصين واليابان وبريطانيا مجموعة هذه الدول ، اذ تحمل الصين 1.3 تريليون دولار من هذه السندات وتليها اليابان التي تحمل 1.2 تريليون دولار .وأمام واقع فقد هيمنة الدولار على العملات العالمية والتي كانت تظنه أمريكا بعيدأ لكنه بعد التطورات الأخيرة التي طرأت على الاقتصاد العالمي بدءاً من جائحة وكورونا وانتهاء بالحرب الروسية – الأوكرانية بات السيناريو البعيد سيناريو محتمل وبقوة وربما بات اليوم الذي يفقد فيه الدولار دوره المركزي باعتباره العملة الاحتياطية العالمية المهيمنة قريباً ، ومن المحتمل جدا بعد تخلخل اقتصاديات الاتحاد الأوروبي وعوزها إلى الغاز والطاقة وأضف إلى ذلك تسارع ظهور الروبل الروسي كعملة عالمية تستند إلى الذهب ، و تطور الصين عبر أسواق مالية خاصة.
وحول المزيد من التفاصيل عن وضع الدولار الكاذب اليوم يقول الخبير المصرفي والمالي أنس نغنغ : خلال الحقب الماضية أجبرت أمريكا الدول على وضع الدولار بما يشكل 60% من احتياطات الدول في بنوكها المركزيه بينما يشكل اليورو ٢٥% .
وجاءت هذه الإجراءات في ظل عدم وجود عمله دوليه تحل محل الدولار .
أضف إلى ذلك أن انهيار الدولار لم يكن وارداً لأنه سينتج عنه إفلاس مجموعة من الدول المرتبطة عملتها بالدولار .
كما أنه سيحدث حالة من الفوضى والركود التي يمكن أن تحدث في الاقتصاد العالمي .
وكذلك خسارة دول كبرى للسوق الأمريكي خاصه الصين والتي تحتوي على ١٥٠٠ شركه تعمل بداخلها وتسوق معظم منتجاتها في السوق الأمريكية .
هذه الأسباب كما يوضح نغنغ جعلت أمريكا تنجح في نقل وتصدير أزمة الدولار من الداخل الأمريكي إلى العالم وتمعن بطبع الدولار بدون أية تغطية .
هذا وتشكل الدولارات خارج أمريكا 75 %من المجموع الكلي للدولار .
لكن هذا الواقع القائم على هذا الابتزاز الأمريكي للعالم لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية .
واليوم بات الاقتصاد الأمريكي على وشك أن ينهار بسبب العولمه وخروج الصناعة وتحول أمريكا إلى مستورد ومستهلك ومنتج للخدمات ،وخروج مشروع العولمة عن السيطرة.
ويضيف نغنغ :ان عجز الحساب الجاري وهو أوسع مؤشر لقياس الاختلال في التوازن الدولي وهذا الاختلال يتكرس لصالح الصين .
وأيضاً انخفاض معدل المدخرات الوطنية الصافية ( وهو مجموع مدخرات الأفراد والشركات والقطاع الحكومي ) انخفاض قياسي ودخوله في المنطقة السلبية للمرة الأولى
والجدير بالذكر أن الضغط الأمريكي على دول العالم عن طريق فرض العقوبات على الدول والشركات والأفراد وشن الحروب ……الى الخ أدى إلى تفكير مجموعة كبيرة من الدول بالانفكاك عن الدولار ومن هذه الدول منظومة البركس ( الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب افريقيا).
يقول نغنغ لقد جاء الإنفاق الواسع الذي أنفقته أمريكا في الداخل على الأفراد والشركات على شكل معونات بسبب فيروس كورونا وذلك لتحفيز الاقتصاد ، و بلغ لحد الان 3.5 ترليون دولار على أمل تنشيط الاقتصاد ، لكن في ظل اقتصاد مفتوح دائرته الاقتصاديه تبدأ في السوق الأمريكي وتنتهي بمصانع الصين ، فأي إنفاق يزيد من القدره الشرائية في السوق الامريكي المتخم بالمنتوجات الصينية فيتحول هذا الدعم الى الصناعات الصينية ويزيد من تفاقم عجز الميزان التجاري المختل اصلاً .
ويلفت نغنغ إلى الإنفاق العسكري الضخم واستمرار أمريكا في النهج الاستعماري والهيمنة على العالم بدون وجه حق ولعب دور الشرطي على العالم .
لهذه الأسباب مجتمعة يعتبر سقوط الدولار حتمي عن طريق التضخم الصارخ ، ويمكن أن يكون لهذا التضخم مصلحة للاقتصاد الأمريكي فكل دولار تصدره أمريكا هو بمثابة تعهد حكومي لحامل هذه الورقة بالدفع ( أي دين على الدولة ) ، فلو عادت الدولارات الموجودة في الخارج إلى السوق الأمريكي فان تراب أمريكا لن يكفي لتغطية هذه الكميه النقدية .
بسقوط الدولار يكون هذا مقدمة فيما بعد لسقوط أكبر وتراجع الهيمنة على العالم وتوقف العولمة ،ومن النتائج السلبية قد يكون ضياع المدخرات وسحق الطبقة الوسطى والفوضى .. كذلك يمكن أن يكون الانهيار مفاجىء بشكل صارخ أو هبوط متدرج بشكل متوالي