بقلم: هناء شروف
ستعقد منظمة شنغهاي للتعاون اجتماعاً في 4 تموز الجاري عبر رابط “زوم” في وقت حرج نظراً لأن الدول الأعضاء في المنظمة، بل العالم بأسره، تواجه تحديات متزايدة مثل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، والمواجهة الجيوسياسية بين روسيا والولايات المتحدة، وكذلك تحريض الولايات المتحدة المستمر على مواجهة الكتلة في المنطقة.
وسيكون قبول إيران كعضو كامل العضوية في منظمة شنغهاي للتعاون قراراً رئيسياً في قمة المنظمة في نيودلهي، لأن انضمام إيران إلى عضوية المنظمة يؤكد على رغبتها في تحقيق التوازن، وتنويع أنشطتها الاقتصادية والدبلوماسية، وتحقيق قدر أكبر من الحرية في سياساتها الخارجية، حيث يُنظَر إلى هذه المنظمة من عدة نواحٍ كنموذج حوكمة عالمي بديل لنماذج أخرى تتمحور حول الغرب.
من وجهة نظر طهران، يُعدّ الحصول على العضوية الدائمة في منظمة شنغهاي للتعاون –التي تعتبرها الجمهورية الإسلامية نادياً للقوى غير الغربية– حدثاً مهماً من شأنه جلب مزيد من الفرص الاقتصادية والتجارية والإستراتيجية، وتعزيز موقعها الجيوسياسي في آسيا. وفي إطار رؤيتها “التوجّه إلى الشرق”، تعتبر طهران تطوير العلاقات مع جيرانها الآسيويين من أولويات سياستها الخارجية، حيث يُعدّ شغل مقعد على طاولة القوى الاقتصادية العالمية مثل الصين والهند وروسيا بمثابة بصيص أمل لبلد يعاني من العقوبات الاقتصادية الدولية، والضغوط الاقتصادية المتزايدة على الصعيد الداخلي.
في عام 2021 وحده، تجاوز حجم التبادلات التجارية بين إيران ودول منظمة شنغهاي للتعاون 37 مليار دولار، أي نحو ثلث حجم تجارتها الخارجية. وفي الوقت نفسه تبحث طهران سبل تحقيق رؤيتها طويلة المدى بأن تصبح مركزاً للاتصالات الأوروبية الآسيوية من خلال البنى التحتية الجديدة مثل ممرّ النقل الدولي بين الشمال والجنوب لربط الهند وروسيا عبر إيران.
تأسّست منظمة شنغهاي للتعاون في عام 2001 لمكافحة التطرف والإرهاب وتهريب المخدرات والجرائم العابرة للحدود، ومعالجة التحديات الأمنية غير التقليدية في آسيا وخاصة آسيا الوسطى، والتعاون على تحسين الأمن الإقليمي.
كان للمنظمة تأثير إيجابي على التعاون الاقتصادي الإقليمي والتبادلات الثقافية، وساعدت الدول الأعضاء على بذل جهود أكبر لزيادة تسهيل تدفق التجارة والاستثمار، والنقل، وإنشاء منصات للتفاعل بين المنظمات غير الحكومية.
في السنوات الأخيرة واجهت منظمة شنغهاي للتعاون تحديات داخلية وخارجية متزايدة، وخاصة بعد انضمام أعضاء جدد إليها، مما أدى إلى توسيع المساحة الجغرافية للتعاون.
وقد أدّت التوترات الدولية المتصاعدة إلى خلق تهديدات أمنية للمنطقة، مع تزايد الخلافات والمصالح بين الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، مما زاد من تعقيد المشكلة على وجه الخصوص جهود الولايات المتحدة لاستمالة الهند “كشريك مخلص” إن لم تكن حليفة، لتعزيز إستراتيجيتها “الهندية والمحيط الهادئ” والتي تهدف إلى احتواء الصين وإضعاف روسيا.
تشمل التحديات البارزة الأخرى الوضع في أفغانستان، والذي يتطلّب اهتماماً فورياً، ولكن تمّ تجاهله في الغالب بسبب الأزمة الأوكرانية، كما أعاقت النزاعات الحدودية بين الدول الأعضاء مثل تلك بين الهند وباكستان تعاون منظمة شنغهاي أيضاً، كما أدّت الحرب الإعلامية التي تقودها الولايات المتحدة لوصم الصين وروسيا وإيران إلى تحول بعض الناس ضد هذه الدول.
كما أطلقت الولايات المتحدة أو حرضت على “الثورات الملونة” في بعض الدول الأعضاء في المنظمة، مما أدى إلى زعزعة استقرار النظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في تلك البلدان، الأمر الذي أثر على عملية صنع القرار داخل منظمة شنغهاي للتعاون.
لكن التحديات لا تعني أن منظمة شنغهاي للتعاون ستفشل في مهمتها، ففي الواقع تبذل المنظمة جهوداً للتكيف مع الوضع المتغيّر والتغلب على التحديات.
الجديرُ بالذكر أن منظمة شنغهاي للتعاون هي منظمة دولية أسّسها قادة كازاخستان والصين وقرغيزستان وروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان. وفي 9 حزيران 2017 وقعت الدول الأعضاء قراراً بقبول انضمام الهند وباكستان إلى المنظمة، وفي أيلول 2022 بدأت إجراءات انضمام إيران إليها، وفي الوقت نفسه تمّ التوقيع على وثيقة بشأن عضوية بيلاروسيا التي تعتبر حالياً مراقباً في المنظمة.
- البعث-