فضيحة "ترزي"

13:54 06-08-2020

كتب هاني عسل..

   فضيحة حقيقية لن تجدها فى إعلام «الجزيرة» و«الشرق» و«مكملين» و«رويترز» والـ«بى بى سي» و«الجارديان»، ولا فى تقارير المنظمات الحقوقية المشبوهة، لا الآن، ولا بعد مائة عام.

حكاية كهذه، لو وقعت فى دولة مثل مصر أو السعودية أو الإمارات، لقامت الدنيا ولم تقعد، ولتاجروا بها، كما فعلوا مع ريجينى وسلطان وخاشقجي.

ولكن، ما نتحدث عنه جرى فى تركيا، حيث الحصانة الدبلوماسية والدولية والإعلامية والحقوقية لنظام أردوغان، وحيث «جبن» دول كبرى يصل إلى درجة «التواطؤ».

قبل أيام، نقل موقع سويدى اسمه «نورديك مونيتور» تقريرا يقول إن النظام التركى «أعدم» ضابطا كبيرا فى الجيش التركى تجرأ واكتشف وكشف تمويل نظام تميم القطرى للإرهابيين فى سوريا عن طريق بلاده، تركيا.

الإعدام تم تنفيذه بحق الضابط الكبير، ويدعى العميد سميح ترزى، وذلك بناء على أوامر من ضابط آخر من سماسرة الدم والإرهاب كان يعمل لحساب المخابرات التركية بهدف تعميق الصراع فى سوريا وإطالة أمده، تلبية لمصالح أولياء نعمته فى أنقرة والدوحة.

«ترزى» كان على علم بتفاصيل أخرى مروعة بشأن جميع العمليات القذرة التى تنفذها المخابرات التركية، لدرجة أنه تحدث عن أن هناك ما يشبه «العصابة» الحقيقية داخل الجيش التركى تعمل فى الإرهاب، بل وكان على علم أيضا بأنشطة مسئولين فى حكومة أردوغان استقطبوا كبار زعماء الإرهاب من سوريا لتلقى العلاج فى تركيا تحت ستار ما يسمى فى الإعلام المغربى «الجيش السورى الحر»، الذى يصفونه بـ«المعتدل» أيضا!

وكانت من بين مهام «ترزى» تنسيق العمليات مع المخابرات الوطنية التى يقودها حاقان فيدان صديق أردوغان، بل وعمل أيضا عن قرب مع مسئولين أمريكيين ضمن البرامج «إياها» لتدريب وإعداد مقاتلى «المعارضة» السورية «المعتدلة»، حيث كانت المخابرات التركية تنتقى هؤلاء لهذا البرنامج، ثم يوفر الجيش التركى نفسه لهم التدريب العسكري.

ولكن عندما لاحظ «ترزي» أن البرنامج «ستار» لدمج إرهابيين، اعترض بصوت عال، واعتبر الأمر خداعا، مما جعله عرضة للتصفية لاحقا، خاصة أنه كان بالنسبة لنظام أردوغان المجرم يعرف أكثر من اللازم عن صلات تركيا وقطر الوثيقة بالإرهاب والإرهابيين فى سوريا تحديدا، وتكلم بما لا يجب أن يقال، مع الوضع فى الاعتبار أن هؤلاء القتلة هم أنفسهم الذين تم ويتم حتى يومنا هذا نقلهم عبر تركيا إلى ليبيا، لإنشاء دولة الخلافة المزعومة هناك، حيث الهدوء والبترول والسكان القليلين والدولة المفتوحة والتواطؤ الدولي، بعد أن فشلوا فى إقامتها فى سوريا والعراق، ثم فى شمال سيناء.

مع تركيا وقطر فقط، ممنوع الاقتراب والتصوير، أما مع مصر وحلفائها، فاقتراب وتصوير وضغط واستفزاز وابتزاز، و«بجاحة» ما بعدها «بجاحة».

واقعة «ترزى» هذه مرت مرور الكرام علينا جميعا، ليس بسبب «زحمة» العيد، ولكن لأن الأبطال هم قطر وتركيا وداعش!

كم متهما أمام المحاكم المصرية، بتهم الإرهاب، أو التحريض على العنف، أو الدعوة للفوضى، أو الحض على إسقاط الدولة، وتم تكريمه على الساحة الدولية؟

«المجرم» هشام عشماوى نفسه تعاطفوا معه منذ القبض عليه فى ليبيا وحتى إعدامه، لدرجة أن الإعلام الأجنبى لم يطلق عليه وقتها لقب «إرهابي»، وإنما «ضابط سابق بالجيش المصرى»!

أما الضابط التركى المتهم بفضح إرهاب قطر وتركيا، فلا تنشر عنه كلمة إلا فى موقع «سويدى»! يعنى «ترزى وراح»!!

أى وقاحة هذه؟ أى زمن هذا الذى نعيش فيه؟! وأى إعلام هذا الذى يزعم الاستقلالية و«الشرف»؟

تخيلوا معنا: ماذا كانوا سيفعلون لو كانت مصر هى من حولت كنيسة إلى مسجد، كما فعل أردوغان فى «أيا صوفيا»؟

ماذا كانوا سيفعلون لو كانت مصر هى التى فازت بتنظيم حدث رياضى مهم «بالرشوة» مثل مونديال 2022؟

ماذا كانوا سيفعلون لو كانت مصر هى التى منعت تطبيق «تيك توك» مثل أمريكا؟

ماذا كانوا سيفعلون لو كانت مصر هى التى أرسلت سفنها لسرقة البترول والغاز فى قبرص أو اليونان، أو حتى فى ليبيا؟

ماذا كانوا سيفعلون لو كانت مصر هى التى ترسل مرتزقة براتب شهرى إلى دولة بعيدة عنها بآلاف الكيلومترات؟

حقا، نعيش شرفاء فى زمن عز فيه الشرف، وكثر فيه المفضوحون والمرتشون والمتواطئون والوقحون!

 صحيفة الأهرام