في زمن شاشات سلبت عقول الشباب .. من يؤنس وحشة الكتاب المهجور؟

فن وسنيما 10:24 08-10-2022

أصبح العزوف عن القراءة وهجر الكتب والمكتبات مشكلة يصعب علاجها في هذه الأيام وخاصة بين الشباب الذين هم عماد البلد وقوتها وتقع على عاتقهم مسؤولية رفع المستوى الفكري والثقافي لهذا الجيل فالقراءة هي الشغف والرغبة وحب المطالعة والمعرفة فلماذا هجرنا القراءة؟كيف نستعيد أهمية القراءة ونحفز أبناءنا وخاصة الأطفال على القراءة ؟كيف تساهم الجهات العامة في جذب واستقطاب هذا الجيل للعودة للقراءة ؟ هل تسهم المعارض في إعادة الرونق للكتاب؟

*لم تتوقف القراءة..

“أحمد سامي” برأيه لم يتوقف الناس عن القراءة بل تطورت القراءة ولم تعد من الكتب وإنّما من خلال ملخصات على وسائل التواصل.
أمّا “سلام: فهي لم تتوقف عن الاشتراك في المكتبة التي تُعير الكتب ولكن أحياناً الروتين وضغوط الحياة يدفعها للاكتفاء بمكتبتها الصغيرة في منزلها لممارسة هوايتها المفضلة (القراءة) ولكن بكتب محدودة.

*مسؤولية الإعلام ..

“رؤى “تضع الكثير من المسؤولية على الإعلام الذي يجب أن يرفع المستوى المعرفي للشباب لأعلى مرحلة ويحارب الجهل ويدعو للتسلح بالكتب وينشر شغف القراءة وحب الاستطلاع لدى جميع شرائح المجتمع وذلك بالعودة للكتاب الصديق الودود مضيفة أنّ الإعلام هو قوة تصنع مجد أمة وتحط من قدر أخرى مؤكدة أنّ هناك مبادرات ولفتات من جهات إعلامية تحاول رصد ومتابعة آراء وأعمال المثقفين والأدباء ولكنها لم تصل للدرجة المطلوبة بحسب رأيها .

* تسرق الوقت..

“مصطفى” يعزو سبب التراجع في القراءة إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي تسرق وقت الناس وتجعلهم يفضلون القراءة على الشاشات الذكية وأضاف يميل الشباب للنسخ الالكترونية للكتب لأسباب شتى منها سهولة النقل وعدم الحاجة إلى مكان للتخزين فضلاً عن أنّ الكتاب الالكتروني أرخص من الورقي هذا إن لم يكن مجانياً.
أمّا “ياسمين” فهي ترى أنّ وسائل التواصل الحديثة لم تقض على حبها للقراءة ولكنها بدلتها وبفعل التطور من قراءة كتاب ورقي إلى الكتروني فالمقارنة غير عادلة بفعل التطور حسب قولها.

*مضيعة للوقت..

“مروة” طالبة جامعية ترى أنّ وسائل التواصل الاجتماعي مسلية ولكنها مضيعة للوقت وتفضل مروة الانهماك في القراءة التي تعتبرها أكثر فائدة وأهمية وأضافت أن السبب برأيها لتراجع القراءة يعود إلى أنّ الأبناء يقلدون آباءهم وبالتالي لم يرثوا خصلة حب القراءة من أهلهم داعية إلى ضرورة تخصيص وقت للقراءة للطفل منذ الصغر حتى تصبح عادة عندما يكبر مؤكدة على ضرورة الابتعاد عن فكرة أنّ القراءة تكون في أوقات الفراغ وإنّما يجدر بالأهل غرس فكرة تخصيص وقت للقراءة مقارنة بوقت مشاهدة التلفاز أو القيام بنشاط ترفيهي معين.
أمّا “جاد” فهو يعتبر نفسه من ضحايا الإدمان على الانترنت حيث يجلس لساعات أمام الشاشة وذلك بعد أن كان قارئاً جيداً حسب قوله حيث قرأ المئات من الكتب فيما سبق وأضاف أمّا اليوم فلا أكاد أنهي كتاباً واحداً خلال العام كله.

*توعية مدرسية ورحلات علمية..

تبين “هيفاء” مدرّسة أنّه لاتوجد توعية مدرسية فعلية وجدية للقراءة مضيفة نفتقد إلى التوعية المجتمعية الجدية لإلزام أطفالنا بالقراءة وتفعيل دور المكتبات في المدارس إضافة إلى الحاجة إلى رحلات علمية للمتاحف وإقامة مبادرات للتشجيع على القراءة والبحث والاستكشاف داعية إلى ضرورة (نفض الغبار) عن رفوف المكتبات المدرسية وإعادة دورها وذلك بتأهيل أمناء المكتبات لضرورة وأهمية القراءة وتشجيعهم على كيفية التعامل مع الطلاب لإعادة القراءة إلى رونقها .

*منافسة غير عادلة..

“أحمد عثمان” مرشد اجتماعي أكد أنّ الجميع أصبح مفتتن بالنظر في شاشة الجهاز الذكي مضيفاً هناك الآلاف من الأجهزة الملونة والمتنوعة والفاخرة بشاشات سلبت عقول الشباب وخطفت الأنظار بوسائلها الجذابة في التسلية والترويح عن النفس فكيف يمكننا المقارنة مع الكتاب الجامد القديم فالكل يلهث وراء الحداثة والتطور وأضاف أنّ أهم أسباب هجر القراءة هي تصاعد وتنامي ظاهرة وسائل التواصل الاجتماعي ثم الأزمات الاقتصادية وضعف القوة الشرائية حتى أصبح الكتاب الورقي رفاهية لاضرورة لها وليست ضمن سلم الأولويات المعيشية.

*تراجعاً وليس عزوفاً..

“أبو حيان ” صاحب مكتبة يتحدث عن تراجع نسبة مبيعات الكتب مضيفاَ حتى استعارة الكتب تراجعت عن مستواها أيضاً فالناس باتت مشغولة في تأمين متطلبات الحياة اليومية ونسوا الكتب والقراءة بشكل جزئي وذلك لأسباب كثيرة منها غلاء الكتاب الورقي مقارنة بدخل الفرد واستيلاء وسائل التواصل على الأولوية لسهولة الوصول إليها وغيرها الكثير من الأسباب مؤكداً ورغم كل الصعوبات ومشتتات الأذهان هناك من يثابر على القراءة الورقية حيث يجد فيها متعة وخصوصية لا تقارن بضجيج وسائل التواصل وأضاف مازال هناك أشخاص (ولو كانوا بنسبة قليلة)يسعون وراء الاستحواذ على الكتاب الورقي بكل حب ووفاء وختم حديثه بدعوة الأهل إلى غرس قيم القراءة ومصادقة الكتاب في
نفوس وقلوب أطفالهم وتشجيعهم على ذلك مؤكداً أنه ليس من الضروري أن يمتلك الفرد مكتبة ضخمة ليتمكن من تشجيع أطفاله على القراءة .

*تسويق الكتاب ..

أكد مدير المعارض والتسويق في الهيئة العامة السورية للكتاب “ماهر الشدايدة” أنّ الهيئة تساهم في تحفيز القراءة من خلال ماتقدمه من كتب منوعة ذات مضامين ثقافية وقيم معرفية تناسب جميع شرائح المجتمع وأضاف أنّ الهيئة تعمل على تسويق كتبها من خلال المعارض الدائمة والتي تترافق مع فعاليات ونشاطات وزارة الثقافة مضيفاً أنّه وتشجيعاً للقراءة قامت الهيئة مؤخراً بإقامة معرض تخصصي للأطفال في كل مركز ثقافي مثل(مركز الميدان وكفرسوسة والمزة) مؤكداً أنّ الهيئة تسعى إلى تعميم هذه الظاهرة على جميع المراكز الثقافية في كل المحافظات.
كما بين “الشدايدة” أنّ الهيئة تقدم حسماً تشجيعياً يصل إلى ٥٠%وذلك حرصاَ من الهيئة على سهولة الحصول على الكتاب والاستفادة منه من قِبل الجميع
وفيما يخص الصعوبات التي تواجه الهيئة أوضح “الشدايدة” أنّ الهيئة تعاني كباقي الوزارات والمؤسسات من صعوبات بالنقل وذلك لقلة توفر الوقود إضافة إلى نقص بعض المواد الخاصة والتي تحتاجها طباعة الكتب مؤكداً أنّه رغم ذلك تنتج الهيئة كماً جيداً من الكتب ذات الشكل والمضمون الثقافي الجيد في كل عام، وفيما يخص عدد الكتب التي صدرت عن الهيئة العامة السورية للكتاب مقارنة مع العام السابق أكد الشدايدة أنّه بلغ عدد الكتب الصادرة في العام الجاري ولغاية منتصف شهر أيلول /١٣٤/عنوان ،بينما صدر عن الهيئة في عام/ ٢٠٢١ / (٢٦٦عنوان ) وخمسة كتب ناطقة .

*ختاماً..

يبقى للقراءة شغفها الخاص فهي تغني عقل الإنسان وقلبه كما أنها أفضل صديق له حيث تسهم في زيادة ثقته بنفسه وتمنحه المتعة والفائدة وتحميه من الأمراض ولكن يبقى لكل شخص طريقته في حبه للقراءة سواء كانت ورقية أم الكترونية .