أين الأمان الصحي في ظل فوضى الكمامات؟!

محليات 08:34 01-12-2020

مع مخاوف انتشار فيروس كورونا الجديد وارتفاع معدل الإصابات يعود الإقبال على الكمامات إلى الواجهة الأمر الذي دفعنا للبحث والتقصي عن واقع تلك الصناعة التي أصبحت استراتيجية واتخذها كثيرون صناعة رابحة استسهلوا صناعتها وتصريفها.

أشخاص يروون واقعهم مع الكمامة
التزم الكثيرون مع بداية ظهور فيروس كورونا بارتداء الكمامة والتعقيم وباقي الإجراءات الاحترازية غير أنها تراجعت اليوم نوعاً ما واختلفت آراء الناس ووجهات نظرهم في ارتداء الكمامات.
أبو محمد يقف في طابور للحصول على مخصصاته اليومية من الخبز من دون ارتداء كمامة كما هو حال الأغلبية توجهنا لسؤاله عن عدم وجود كمامة لوقاية نفسه أجاب أنه يختنق من ارتدائها والله الحامي، بينما آخر بذات المكان أجاب لا أحد يرتديها ونتبادل النقود والخبز والأكياس من يد لأخرى وغالباً ما أنسى أن أبعد يدي عن وجهي فما فائدة كمامة أضعها على وجهي ولا أغطي أنفي أو أحمي نفسي.


سميرة أم لثلاثة أطفال استعانت بداية تطبيق الإجراءات الاحترازية لفيروس كورونا بفكرة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لصناعة الكمامات منزلياً وعالجت مشكلة ضرورة وجود طبقات في الكمامات لمنع وصول الفيروسات للجهاز التنفسي بوضع طبقتين في الكمامة الواحدة المصنوعة منزلياً.
أخريات شابات في الجامعة يرتدين الكمامات القماشية الملونة المناسبة لملابسهن.. ربما الموضة والأناقة فرضت وجودها.
الحديث يطول عن رأي الناس بالكمامة ولكن غاية السؤال تطرح تساؤلاً ما مدى سلامة الكمامات التي تباع في السوق السوداء وعلى البسطات؟! وأين الرقابة الصحية وهل تحققت أدنى شروط السلامة فيها؟!.
بين الصيدليات وبسطات الكمامات..
على رصيف جسر الرئيس وبسطاته وعلى طول خطواتك تجد الكمامات بألوانها وأشكالها وزخرفاتها تملأ المكان وينادي المنادي بصوته العالي متباهياً بسعرها وربما بعرض مميز لتسويق مايملكه من تلك الكمامات القماشية منها والطبية والتي افتقدت لأدنى مستوى النظافة تلامسها الأيدي التي تتفحصها للشراء وتلتصق بالرصيف وغباره... اليوم أصبح بإمكاننا استخدام كمامات مسايرة للموضة ومصممة حسب الرغبة في ورشات تصنيع للأسف تفتقد معظمها أدوات التعقيم والنظافة المطلوبة لانجاز تلك الصناعة الحساسة، ليطرح السؤال نفسه مرة أخرى أين الرقابة على مثل تلك الأماكن غير المخصصة لبيعها وتصنيعها؟.
وبالانتقال إلى الدوائر الحكومية والمؤسسات التي تفرض تطبيق قرار ارتداء الكمامة قبل الدخول تجد بائعين معظمهم من الأطفال يتسولون ثمن الكمامة والتي هي غالباً من النوع الرديء البعيد كل البعد عن المواصفات الوقائية .. ولكن فرضها قانون الدخول وتسولها طفل يحتاج مصروفه وربما أجبر على ذاك العمل..
أمام هذه التساؤلات كانت خطوتنا التالية التوجه إلى الصيدليات للوقوف عن طلب المواطنين للكمامة وإن كان للكمامات القماشية الفائدة المرجوة من صناعتها؟
لم تتعدد الإجابات بل كانت شبه موحدة أغلبهم لا يدخل الكمامات القماشية إلى صيدليته والسبب عدم الثقة بالقماش التي صُنعت منه ولوجود مثل تلك الكمامات في أي بسطة أو محل كونها أصبحت بألوانها وأشكالها تغري الناظر وكذلك سعرها الذي تابع في الهبوط نتيجة إغراق السوق بتلك الأنواع والتي غالباً لا تراعي الشروط الصحية والوقائية.

أما بالنسبة للكمامات الطبية فالطلب عليها تراجع كثيراً بسبب ظروف المعيشة حيث يتراوح سعرها في الصيدليات من 250 ليرة إلى 300 ليرة سورية وربما يزيد، إحدى الصيدليات ذكرت أن معظم أوقات البيع عندها تبلغ أوجها عندما تطلب الجامعة المجاورة لها ارتداء الكمامة في اجتماع معين ولوقت معين يتم التنفيذ من قبل المجتمعين وبذلك تسوّق بعضاً منها ليعود الباقي إلى رفوف الصيدلية.
حرب الكمامات.. خطوط إنتاج القطاع العام تقابلها خطوط إنتاج مختلفة
لم تكن الكمامات متواجدة إلا في المشافي والصيدليات ومراكز العناية الصحية، وذلك للاستخدام الطبي فقط، قبل أن تتحول إلى أمر أساسي شبيه بأي قطعة ملابس ضرورية للشخص بل وأهم لارتباطها بالجانب الصحي.
أصبح الحصول على كمامة طبية أمرا طبيعياً إلا أنها مكلفة وتزيد العبء المادي على الأسرة في حال تقيد الجميع بوضع تلك الكمامة واضطر لتبديلها بشكل يومي لذلك لجأ الأغلبية للكمامات القماشية ولكن مامدى صلاحيتها ووقايتها؟؟ يمكننا القول أصبحت صناعة رابحة غير مكلفة امتهنها الكثيرون لتصير إلى حال المضاربة بالعرض والطلب.

بدأت الورش والمعامل المتخصصة بالخياطة بإنتاج الكمامات وكان لابد من توفر المواصفات الطبية للكمامات لتكون جاهزة للاستخدام الصحيح وليس المُضر ورغم أن هذا العمل قد يبدو مخالفاً لأنظمة الصحة إلا أنها تحولت لصناعة رابحة، بالمقابل كانت مؤسسات القطاع العام الخاصة بتصنيع الألبسة والقطنيات قد خصصت خطوطاً لإنتاج الكمامات الطبية منها الشركة السورية للألبسة الجاهزة "وسيم" التي كان لنا لقاء مع مديرها العام ليطلعنا على طريقة الإنتاج وكميته والمواصفات وكذلك الأسعار

مدير عام الشركة العامة للألبسة الجاهزة "وسيم" هيثم زاهر ذكر للثورة أونلاين: بدأنا بإنتاج الكمامات في الشهر الثالث من عام 2020 مع بداية اتخاذ الإجراءات الاحترازية لفيروس كورونا وهدفنا منذ البداية مراعاة ظروف المواطنين المادية وحاجتهم للكمامات في ظل انتشار فايروس كورونا، حيث قامت الشركة بتصنيع الكمامات القطنية المكونة من طبقتين من القماش القطني والتي تصلح للاستخدام عدة مرات بعد غسلها وتعقيمها والكمامات الورقية بطبقاتها الثلاث وكان إنتاج الشركة مراعياً للموصفات الصحية والطبية.

مليون ونصف المبيعات
وأوضح زاهر أن مبيعات الشركة من الكمامات بنوعيها بلغت حتى إعداد هذا التقرير مايقارب مليون ونصف كمامة مؤكدا أن معظم الجهات تختار النموذج القطني 100% بمواصفات وأبعاد محددة للاستعمال أكثر من مرة غسيل وتعقيم عن طريق درجة حرارة معينة ويتراوح سعر الكمامة المصنعة من قبل الشركة بين 150-155- 250 ليرة سورية بمختلف أنواعها.. ويضيف زاهر أنه إذا كان هناك مجال لتخفيض سعر الكمامة إلى أقل من ذلك لانمانع والهدف هو تأمين حاجة كافة الجهات والسوق المحلية حتى وإن طلبت بعض الجهات الخاصة استجرار أي نوع من الكمامات ستكون خطوط إنتاجنا جاهزة لتأمين تلك الحاجات وليس الهدف إغراق السوق وإنما الاكتفاء، كما نوه إلى أن صالات البيع المباشر المتوزعة في المحافظات كافة تبيع الكمامة المفرق بسعر الجملة ويمكن للجميع الحصول عليها بسعر عادي ومواصفات صحية جيدة.
وفي سؤالنا عن المواد الأولية أجاب زاهر: إن المواد الأولية متوفرة في السوق المحلية وبعض الشركات وليس هناك أي نقص في تأمينها ما ساعد على بيع الكمامة بما يقارب التكلفة وترك هامش ربحي بسيط. وحول التسويق والتصريف فأشار إلى أنها تتم عبر عقود مع الجهات المعنية وتلتزم الشركة بمدة تنفيذ المنتج وتسليمه ،ونتيجة الطلب المتزايد على الكمامات في ظل ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا اليوم وجهت وزارة الصناعة بزيادة وتأمين احتياجات الجهات كافة حتى السوق الداخلي لتأمين أكبر كم ممكن للاستهلاك الفردي في الفترة الحالية، والزيادة على طلب الكمامات دفعتنا لدراسة تشغيل ثلاث وارديات لتأمين الطلبيات في الوقت المحدد حيث إننا نعمل اليوم بواردية واحدة لا تكفي لتأمين الطلبيات خلال عام 2020 لذلك اتخذنا كافة الاحتياطات والإجراءات لتنفيذ الطلبيات قبل نهاية عام 2020

سوق سوداء
سوق سوداء لبيع الكمامات خلقتها ظروف المعيشة لتتحول من ضرورة صحية إلى سلعة تجارية يختلف سعرها وطريقة عرضها لا تحمل مواصفاتها الصحية والطبية اللازمة للوقاية خاصة تلك القماشية التي انتشرت بشكل كبير على بسطات الأرصفة وفي المحلات والتي أصبحت بألوانها أقرب إلى اكسسوار يناسب نوع اللباس غير أن الظروف المعيشية دفعت الكثيرين إلى إهمال شراء الكمامة أو الاكتفاء منها بالقماشية من ذوات السعر الرخيص.
في جولات الأسواق نجد ملابس متشابهة يختلف سعرها من سوق لآخر ولكن بالتدقيق فيها تختلف نوعية الأقمشة وجودتها وهذا ينطبق على الأقمشة التي تصنع منها الكمامات لذلك تختلف أسعارها من بسطة إلى أخرى ومن محل إلى آخر، وتلعب قواعد النظافة وطريقة التغليف دوراً في تحديد سعرها والحديث هنا ليس للابتعاد عن استعمال الكمامة القماشية التي وجد الكثيرون فيها توفيراً مجدياً عن تلك الكمامات الطبية المعدة للاستخدام مرة واحدة.. ولكن السؤال برسم المعنيين هل هذه الكمامات المعروضة في الأسواق خاصة البسطات صحية وما نوع القماش المصنعة منه؟!
يمكننا شراء أي نوع من الجوارب أو الألبسة ولكن يجب عدم العبث بما يلامس صحتنا لذلك يجب أن يكون منتج الكمامة جهات محددة خاضعة لرقابة صحية شعارها الوقاية والنظافة ومسؤوليتها صحة وسلامة الجميع.