المفاضلة الجامعية .. مخاوف وقلق ورغبات الطالب ليست المعيار الوحيد

هموم الطلاب 06:15 24-09-2021

منذ بدء توافد الطلبة الحاصلين على شهادة الثانوية العامة إلى مراكز المفاضلة بدأت المخاوف من ارتفاع المعدلات وعدم الحصول على الرغبة المطلوبة انطلاقا من المعيار العام للمفاضلة الذي تحكمه سياسة القبول ومستوى المعدلات.
خلال متابعة سير المفاضلة العامة واللقاءات مع الطلبة تبين حجم الحيرة والتردد في تحديد وتسلل الرغبات لدى الكثير منهم، ومع أن البعض يرى أن نظام المفاضلة منصف كونه يربط الاختصاص بمعدل وجهد الطالب، إلا أن البعض يرى أن ذلك يؤثر على اختياراتهم ويتحكم فيما ستصل بهم الأمور.

*ارتفاع المعدلات..

يقول الطالب "محمد سالم" سجلت الرغبة الأولى هندسة عمارة بعد أن نجحت في المسابقة و هناك احتمال كبير أن لا أحصل على هذه الرغبة بعد ارتفاع المعدلات، وتقول "بتول يونس" أنها تتوقع أن تحصل على اختصاص مغاير تماماً لما تريده، حتى إن طلبات الأهل لا تنفع في موضوع المفاضلة والطالب "ياسر محمد" حاصل على علامة 213 بالفرع العلمي ولا يعلم ما نوع الهندسة التي تسمح له علامته بالحصول عليها في ظل الأعداد الكبيرة المتقدمة.
*بين القناعة والمجاملة..
وفيما يتعلق برغبات الطلاب وهي تتأرجح بين القناعة الشخصية والمجاملة للأهل والأصدقاء، تباينت آراء الطلبة حول مستقبلهم العلمي حيث كثيرين منهم من جدّوا واجتهدوا لأجل دراسة الطب ودخول التحضيرية كحال الطالبة بتول صالح، وحيدر حسين، وكناز محمد، وجعفر غانم، وعثمان شاهين، وميلاد وسوف، من ريف دمشق .
فهؤلاء سجلوا رغباتهم بمحض إرادتهم حباً بهذا الاختصاص أولاً وثانياً العلامة والدرجات تعزز هذا الطموح ..
*ظروف الأهل المادية..
وإذا ما أخذنا عينة من الطلاب الآخرين الذين يهوون فروع الهندسة كل حسب رغبته وإمكانات أهله المادية ..فالبعض يحب الهندسة المعمارية لكن تكاليف ولوازم الأدوات لا تتناسب وواقع أسرته المادي والمعيشي ما اضطرهم إلى العزوف واختيار فروع أخرى وإن كان أحلاهما مرّ حسب ما ذكرت الطالبة "رهف محمود" التي بدلت رغبة العمارة بهندسة المعلوماتية.

02.jpg
الطالب "يونس محمد" المقتنع والراغب بتسجيل معهد تعويضات سنية بات حائرا بين أمنيته هذه، وبين نظرة الآخرين المادية ما جعله مشوشاً وقلقاً تجاه الأمر وغير قادر على التفكير.
يقول "محمد" كنت مقتنعاً مئة بالمئة بمعهد التعويضات السنية ..لكن زيارة بعض الأصدقاء للمنزل وحديثهم وشرحهم لصعوبة تأمين مخبر خاص بعد انتهاء الدراسة نظراً لواقع الغلاء والكلف العالية للمخابر، جعلني في حالة اللا استقرار من حيث الرضا والعمل بما أحب.
*الرغبة المفضلة..
فيما أكدت الطالبة "حلا كامل" أنها سجلت فرع علوم الحياة كرغبة مفضلة أولا وأخيرا ، وقد أكملت في الدورة الثانية لتحصل على شبه العلامة التامة في مادة العلوم كي تدرس أمنيتها التي تحلم بها دائما .
ومن خلال تجوالنا في بعض مراكز جامعة دمشق أوضح العديد من الشباب والشابات أنهم اختاروا "الرياضيات" في التسجيل كرغبة أولى والسبب أنهم يريدون اختصار الوقت رغم علاماتهم العالية التي تؤهلهم لدراسة الطب وفروع الهندسة. وهنا يقول الطالب "هادي محمد"..رغم حصولي على شبه العلامة التامة ولم ينقصني إلا جزء من العلامة لأنال المجموع الكامل . ومع ذلك لا يمكنني دراسة الفروع المكلفة ماديا رغم استعداد الأهل للتضحية وتأمين متطلبات الدراسة، لكنني تجاهلت الأمر كي لا أزيد من هموم الفقر والضغط المادي على أسرتي، إذ يكفيها ما قدمته لتدريس أربعة أشقاء في الجامعة بفروع مختلفة لذلك أعاهد نفسي أن أكون متفوقاً في اختصاص الرياضيات وأبني ذاتي بذاتي.

 

 

*اختصاصات جديدة..
يبين الدكتور "صبحي البحري" نائب رئيس جامعة دمشق لشؤون الطلاب أن المفاضلة في هذه العام لا تختلف كثيراً عن السنوات السابقة سوى أن هناك اختصاصات جديدة تم افتتاحها في كلية العلوم الصحية مثل قسم السمعيات وقسم المعالجة الفيزيائية والأطراف الصناعية، ومعهد فلسطين الذي يتبع للمجلس الأعلى للتعليم التقاني وفيه عدة اختصاصات مخبرية، واختصاصات تم إغلاقها لعدم توفر أعضاء هيئة تدريسية.
موضحاً أن المعدلات يحكمها نسب النجاح والمعدلات في الثانوية العامة، وقد شهدنا هذا العام تحسناً في وضع المعدلات لطلاب الثانوية بنسبة كبيرة للطلاب وخاصة بين 230 و240 درجة.
فقد ازدادت هذه الشريحة عن العام الماضي بما يعادل 1800 طالب، وهو رقم كفيل بتغيير مسار المفاضلة، لأن هؤلاء سيتم توزيعهم على الكليات العلمية في السنة التحضيرية والمعلوماتية والعمارة بالتالي حتما سترتفع المعدلات في مفاضلة العلمي، في حين سيكون الارتفاع في مفاضلة الأدبي قليل نسبيا لأن المعدل هذا العام كان أقل من السنة الماضية.

04.jpg
*ضمن الطاقة المحدودة ..
وحول ارتفاع عدد المتقدمين إلى الجامعة سنويا والذي يصل إلى آلاف الطلبة بالوقت الذي نجد نسب التخرج في أغلب الكليات قليلة نسبياً؟ أكد الدكتور "البحري" أن القبول في الكليات سيكون ضمن الطاقة المحدودة الموجودة فيها وأن نظام الاستيعاب موجود بالتأكيد ولكن لا نستطيع أن نضع في كلية الصيدلة 2000 طالب على سبيل المثال في حين استيعابها 500، كما أن نسب التخرج في هذه الكليات يحكمها الامتحان الوطني وليس الجامعة، أما في باقي الكليات فإن نسب النجاح تعتبر مقبولة وليست منخفضة كثيراً. لافتاً إلى أن الاستيعاب الكبير يكون في المعاهد، وهو أمر ايجابي وخاصة أن هناك إقبالاً كبيراً على بعض هذه المعاهد مثل المعهد الطبي ومعهد التقاني والتعويضات السنية.
وأشار نائب رئيس الجامعة أن عدد المسجلين حتى يوم الثلاثاء وصل إلى أكثر من 24 ألف طالب وطالبة بكل أنواع المفاضلات (العلمي، الأدبي، أبناء الشهداء، أعضاء الهيئة التدريسية، والمعاقين وجرحى الحرب) لافتاً إلى احتمال وجود ضغط أكبر على التسجيل في المفاضلة خلال الأيام القادمة بعد أن صدرت نتائج مسابقات العمارة والفنون الجميلة ونتائج الامتحان المعياري للغات الإنكليزي والفرنسي فمن ينجح في هذه الاختبارات ويحقق أعلى العلامة سوف يتم تسجيله، إضافة لمسابقة كلية العلوم الصحية.
*لا يوجد أي مخالفة ..
حول الشكاوى أو المخالفات التي حدثت خلال فترة التسجيل على المفاضلة أكد الدكتور "البحري" أنه لا يوجد أي مخالفة أو شكوى وما هو موجود مجرد تقديم طلبات لتعديل الرغبات حيث يحق للطالب تغيير الرغبات أكثر من مرة بعد موافقة رئاسة الجامعة، الأمر الذي يستدعي من الطلبة وضع رغباتهم بشكل واضح وتحديدها كما يختار ويريد هو وليس كما يختار الأشخاص الذين حوله. لكي لا يحتاج إلى إعادة شراء الطوابع ودفع تكاليف مالية وجسدية، لافتاً إلى أن الاتحاد الوطني لطلبة سورية قام بفعالية "عينك على اختصاصك" بهدف مساعدة الطلاب في تحديد رغباتهم حتى لا يقعون في مطب التعديل أو الندم. وخاصة أن أعداد الطلبة الذين يريدون تغيير رغباتهم يصل إلى حوالي 300 طالب في اليوم.
وبين "البحري" أن عدد المراكز في جامعة دمشق هو 20 مركزاً للعلمي والأدبي والمهني وفيها عدد كاف من الموظفين والمهندسين لمساعدة الطلاب في التسجيل، منوهاً إلى ضرورة أن يضع الطالب 35 رغبة لكي يتمكن من التقدم للتسوية في حال لم تقبل أي رغبة من رغباته.
وأكد نائب رئيس الجامعة أن التسجيل بالمفاضلة مستمر حتى نهاية هذا الشهر وأن ارتفاع المعدلات بالنسبة للفرع العلمي متوقع بشكل كبير وقد تكون درجة السنة التحضيرية في دمشق بشكل تقريبي 234 درجة.

 


*ايجابية وناجحة..
الدكتور "عبد اللطيف هنانو" عميد كلية العلوم بين أن سياسة القبول في الكلية وفقا للمفاضلة الحالية تعتبر ايجابية وناجحة لكونها تستوعب عدداً كبيراً من الطلاب ضمن أقسامها السبعة، وخاصة أن القبول فيها يكون على علامة الاختصاص في الفيزياء والرياضيات والكيمياء، بالإضافة إلى القبول على المجموع العام وبالتالي هي تستقطب عدداً كبيراً من الطلاب الذين لديهم ميول بهذه الاختصاصات، وتمكن الطالب المتميز بالفيزياء أو الرياضيات من تحقيق رغبته حتى لو كان مجموعه العام لا يؤهله للدخول إلى الكلية، مؤكداً الإقبال الكبير على هذه الاختصاصات في كل عام، لافتاً أن هناك استيعاب يصل إلى 800 طالب في قسم الرياضيات، وبهذه الحالة يكون الطالب حصل على مقعد في الكلية بأحد هذه الاختصاصات المهمة (رياضيات ، فيزياء، كيمياء)، وهذه ميزة مساعدة لعملية المفاضلة من حيث المحافظة على رغبات الطلاب، وهو أمر موجود في بعض الكليات الأخرى.

*أخيراً..

وبين التوقعات والآمال ينتظر الطلبة معايير جديدة تحكم مستقبلهم وألا يتوقف الأمر على موضوع المفاضلة.
كما أن الملاحظ بشكل عام هو اقبال الطلاب على الفروع والاختصاصات الجديدة المحدثة في فروع

الجامعات، من صناعات تطبيقية و تقنية، وصحية وحرفية ومهنية. وهذا شيء طبيعي لما له من قبول في سوق العمل المستقبلي.
نتمنى لطلابنا وجامعاتنا دوام التقدم والنجاح من أجل غد سوري أفضل.