الخطر يداهم كروم التفاح بريف حمص.. والمزارعون يقطعون الأشجار

شو صاير 10:55 16-09-2021

ثمة تناقض كبير وواضح بين تصريحات المعنيين المنادية بدعم القطاع الزراعي باعتباره أحد أهم ركائز الاقتصاد الوطني ودعم القطاع الصناعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي, وبين الواقع الفعلي للمزارعين.
ولنأخذ على سبيل المثال لا الحصر موسم التفاح في محافظة حمص, وتحديداً في قرى رابطة المركز الغربي حيث تتركز النسبة الكبرى من أشجار التفاح المثمرة, ومن المؤسف أن يعاني المزارعون كل موسم من الإشكالات عينها, إشكالات تبرهن, على نحو قاطع, على تقصير الجهات المعنية بتسويق موسم التفاح, جهات يقول لسان حالها "كما علمنا" لا حول لنا ولا قوة.

*المزارعون : سنزرع أي شيء..

ذكر مزارع من قرية فاحل (45كم شمال غرب حمص) أن موسم التفاح هذا العام من أسوأ المواسم وأكثرها إهمالاً من قبل الجهات المعنية في المحافظة.. لأن المزارعين لم يحصلوا على الأسمدة والمبيدات الضرورية للأشجار منذ فترة الإزهار وحتى القطاف, لذلك اعتمدوا على تأمين الأدوية من القطاع الخاص وهي غير موثوقة لأن مصدرها غير معروف, بالإضافة إلى ارتفاع أسعارها, وحتى الصيدليات الزراعية ليست أفضل حالاً لأن القائمين عليها ربما يكونون غير مختصين بالهندسة الزراعية وهمهم جني الأرباح فقط..!
وبالمحصلة فقد أصيبت الثمار بمرض دودة الثمر والجرب وغيرها من الأمراض الأخرى. وفي هذه الحالة سيضطر المزارعون إلى تسويق محصولهم بأنفسهم (بيعه للتجار) في ظل غياب التسويق التعاوني, كما أن الأسعار لا تتناسب مع كلفة الإنتاج المرتفعة سواء لجهة الحراثة أو أجور النقل وثمن الأدوية, وهكذا أصبحت شجرة التفاح عالة على مالكها بدل أن تساهم في تحسين وضعه المعيشي, ما جعل الكثيرين يقلعون الأشجار لاستخدامها كوقود والتفكير بزراعة أشجار غيرها لا تكلف زراعتها ما تكلفه أشجار التفاح.

*تقنين الكهرباء زاد الطين بلة ...!!

كما أكد المهندس "سمير إسبر" من قرية الكيمة في وادي النضارة بريف حمص الغربي أن الكثير من المزارعين سيعمدون إلى قطع أشجار التفاح بسبب ظروف الزراعة الصعبة, وأضاف إسبر وهو رئيس بلدية الكيمة أنه يوجد حوالي 100 براد لتخزين محصول التفاح في مجال البلدية ( مقلس- الجوانيات- المزرعة- المقعبرات) ويعاني أصحاب البرادات من سوء التغذية الكهربائية, ولن يستطيعوا شراء المازوت لتشغيل المولدات بسبب ارتفاع سعره, وحتى الآن لم تتكفل أي جهة حكومية بتسويق المحصول, وفي هذه الحالة سيتحكم التجار بأسعار التفاح وسيكون المزارعون جهة خاسرة, مع أن عدد أشجار التفاح في قرية الكيمة حوالي 10 آلاف شجرة تفاح مثمرة . وأضاف إسبر أن المحافظة وبالتعاون مع الشركة العامة للكهرباء ستغير برنامج التقنين الكهربائي اعتباراً من اليوم , لكن البرنامج الجديد لم يشمل الكيمة والقرى التابعة لها ...!! وهنا سيكون قطع الأشجار هو الحل.

*التسويق للدعاية الإعلامية فقط...!!

وأكد المهندس "فؤاد محفوض" وهو من مزارعي التفاح في قرية حاصور أن شجرة التفاح تتطلب عناية وجهداً كبيرين من قبل المزارعين وعلى مدار العام عدا عن الكلفة المادية المرتفعة سواء بالنسبة لأجور الحراثة والتقليم والنقل والأدوية الزراعية الخاصة بالتفاح, خاصة في ظل غياب دور الجهات المعنية من اتحاد الفلاحين ومديرية الزراعة و الإرشاديات الزراعية , وأخيراً فرع السورية للتجارة المعني بالتسويق حيث يعمد إلى وضع شروط للتسويق كأن تكون الثمار خالية من أي عيب ومن نوعية محددة, وحتى عندما يتم التسويق من قبله فإن الكميات المسوقة تبقى قليلة مقارنة مع غزارة الإنتاج ,وكأنهم يسوقون للظهور إعلامياً فقط...!! وبالمحصلة فإن مزارعي التفاح هم الجهة المظلومة؛ لأن تعبهم يذهب سدىً ويعمدون إلى البيع بأبخس الأسعار لرد جزء من الكلفة المادية المرتفعة .

*الإرشاديات بعيدة عن الواقع..؟؟

تكاد لا تخلو قرية أو تجمع قرى من إرشادية زراعية , لكن وكما عرفنا من المزارعين فإن عمل الإرشاديات الزراعية لاسيما ما يتعلق منه بموسم التفاح أكاديمي ولا يمت إلى الواقع بصلة, ويستطيع أي مزارع لديه خبرة بزراعة التفاح أن يأخذ أو يحل محل أي مهندس في أي إرشادية زراعية . لذلك اتصلنا برئيس إرشادية فاحل المهندس "مهند علي" حيث أكد أن دورهم تقديم الإرشادات الزراعية للمزارعين, وهناك برنامج إرشادي خاص بالتفاح يبحث في المشكلات التي تعترض مزارعي التفاح من بداية الإزهار وحتى الإثمار, كما يتم بحث مشكلات المواسم السابقة للعمل على تلافيها,( نظرياً فقط..) , أما بالنسبة للأدوية الزراعية فلا تملك الإرشادية أية أدوية ومبيدات, وإنما تملك مواد جاذبة لذبابة البحر المتوسط التي قد تصيب الثمار – هيدرولزات- وأضاف علي : نعقد ندوات توعوية للمزارعين بشكل دوري .


الجمعيات الفلاحية : ليس لدينا القدرة على تقديم شيء.
اعتبر رئيس الجمعية الفلاحية في قرية المرانة المشهورة بزراعة التفاح في ريف المحافظة الغربي – فيها 1500 دونم مزروعة بالتفاح المثمر- أن الجمعية وكغيرها من الجمعيات لم تتمكن من تقديم أي شيء للمزارعين, والصيدليات الزراعية في المنطقة قليلة, وبسبب الحرارة التي تعرضت لها أشجار التفاح في شهر تموز الفائت تساقطت الثمار تحت الأشجار, ما أدى إلى انخفاض الإنتاج, ولا تتحرك الجهات المعنية بالتسويق إلا في وقت متأخر, أي أنها تترك المزارعين تحت رحمة التجار , فهل من المعقول أن يكون سعر صندوق التفاح سعة 16 كيلو خمسة آلاف ليرة فقط, والنوعية الأقل جودة بـ100 ليرة للكيلو الواحد ...؟؟؟
وقد طالبنا اتحاد الفلاحين بمنح قروض للمزارعين لكن دون جدوى.

*اتحاد الفلاحين يقدم المتوفر لديه..!!

استهجن رئيس اتحاد الفلاحين في حمص "يحيى سليمان السقا" سؤالنا عما قدمه الاتحاد لمزارعي التفاح معتبراً أن سؤالنا استنكاري وعلينا –كإعلام – أن نعرف البئر وغطاها, فالاتحاد وكغيره من الجهات لا يملك ما يقدمه للمزارعين, أو كما قال السقا: لا يوجد لدينا أدوية زراعية, أما بالنسبة للمازوت والأسمدة فقد قدمنا ما هو متوفر لدينا وبالسعر المدعوم. وعن التسويق قال بأنه سيتم استلام حوالي ألفي طن من قبل فرع السورية للتجارة مباشرة من الحقول, والاتحاد لا يستطيع فعل شيء فهو ينتظر قرار اللجنة الاقتصادية التي تفوض المحافظة وتقوم الأخيرة بعقد اجتماع مع اللجنة الزراعية لتقرير سعر كيلو التفاح المسوق بحسب الأسعار الرائجة في السوق. وأخيراً اعترف السقا أن المزارع مخنوق بسبب الأوضاع الصعبة السائدة في البلد .

*بالأرقام ..

تشير الإحصائيات إلى أن إنتاج محافظة حمص لوحدها يعادل ربع إنتاج سورية من التفاح, وبناء على ذلك كان على الجهات المعنية أن تهتم بمحصول التفاح أكثر وألا تقف مكتوفة الأيدي أمام معاناة المزارعين.
وفي مديرية زراعة حمص عرفنا من رئيس دائرة الأشجار المثمرة المتخصصة المهندس "ناجي ساعد" أن المساحات المزروعة بالتفاح في حمص تُقدر بـ 11 ألف هكتار, وعدد الأشجار الكلي 4 ملايين و400 ألف شجرة, المثمر منها 3 ملايين و700 ألف شجرة, ومن المتوقع أن يكون الإنتاج للموسم الحالي بحدود 80 ألف طن, وتتركز زراعة التفاح في منطقة تلكلخ والمركز الغربي والقصير وتلدو, وبنسب قليلة في بقية مناطق المحافظة , والنوع الموجود هو ستارغن وغولدن وهما من أفضل الأنواع , بالإضافة لوجود أنواع أخرى, وحسب ساعد فقد أصيبت الثمار بأمراض فطرية والجرب ودودة ثمار التفاح.
- بدون مبالغة –

6.jpg


أجرى أحد مزارعي التفاح من قرية فاحل تجربة طريفة منذ سنتين لكي يبرهن على عدم فاعلية الدواء الذي حصل عليه, وضع تفاحة في محلول الدواء , وبعد مدة وجيزة لم يحصل شيء للدودة , بل على العكس تغذت وكأن شيئا لم يكن , وعرض الموضوع على وزير الزراعة السابق خلال زيارته للقرية , لكن لا الوزير ولا أي جهة حركت ساكنا لمعالجة موضوع الأدوية. وأخيراً فإن كل ما سبق ذكره هو غيض من فيض أمثلة عديدة عن معاناة المزارعين وإشكالات موسم التفاح . فهل من مستجيب؟؟؟