نسمعُ في هذه الأيام تصريحاتٍ رسميةً كثيرةً ، حول ضبط فلتان الأسواق وكبح جماح الأسعار ، التي عصفت ـ وتعصف ـ بالمواطن ، وأن ذلك لن يطول ، فخلال وقت قصير ، سيتحسن الوضع ، وسيرفلُ المواطن بخير عميم !.
ولكن للأسف ، لقد اعتاد المواطن المكتوي بنار الغلاء الفاحش وجشع العديد من التجار والباعة ، هذه الأسطوانة المشروخة من التصريحات التي لم تجدِ نفعًا ، ولم تغنِ من جوع ، ولم تطعم أسرة فقيرة ، ولم تنصف موظفًا يتبخر راتبه في الأيام الأولى من كل شهر !.
فأسطوانة اليوم هي ذاتها أسطوانة الأمس والعكس صحيح أيضًا ، في حين يشتد الخناق على المواطن ، الذي يُباغت كل ساعة بارتفاع أسعار المواد الغذائية التي يحتاجها لاستمرار حياته اليومية ، وتضيق به سبل العيش الكريم ، وتأمين الحد الأدنى من قوت أسرته !.
وباعتقادنا ، التصريحات أو الأسطوانات غير مهمة ، بل المهم هو الفعل على أرض الواقع ، فالمواطن لا يريد أغاني حماسيةً ولا سمفونياتٍ خالدةً ، بل يريد طحنًا لا جعجعةً ، وعنبًا لا قتل الناطور !.
فالأسعار هبت مؤخرًا هبوبًا مريعًا ، ولم يستثنِ ذلك الهبوب سلعةً أو مادةً ، وخصوصًا بعد تعميم وزارة المالية على المنشآت السياحية والصناعية والتجار الكبار ، بضرورة الفوترة الالكترونية ، و الربط الالكتروني مع الوزارة ، الذي استغله أصحاب تلك الفعاليات برفع أسعار منتجاتهم وموادهم بشكل جنوني !.
وبالطبع حماية المستهلك غير قادرة على الوقوف بوجه ريح التجار العاصفة بالمواطن ، وليس باستطاعتها ضبط فلتان الأسواق ، ودليلنا على ذلك أنه لم ينخفض سعر أي مادة ، ولم يرعوِ التجار والباعة عن ارتكاب مخالفات البيع بسعر زائد ، رغم العقوبات الشديدة التي نص عليها المرسوم رقم 8 للعام 2021 !.
ولذلك نقترح دعم المواطن ـ ما دام الوضع يزداد صعوبة ـ ببدل نقدي شهري ، بموجب دفتر العائلة أو البطاقة الذكية ، يُمكِّنُه من مواجهة الغلاء وامتصاص ضربات الباعة والتجار اليومية ، بدلًا من التصريحات الجوفاء التي لم يلمس لها ذاك المواطن المنهك ، أي أثر بحياته.