لمحة سريعة عن "النسبية"

علوم وتكنولوجيا 18:51 04-07-2019

تعد من أشهر نظريات الفيزياء الحديثة، التي طورت من قبل ألبرت أينشتاين في بداية القرن العشرين. وتوجد نظريتان للنسبية، الأولى هي النسبية الخاصة والثانية هي النسبية العامة، وكلاهما تعتمدان على مبدأ النسبية الذي وضعه جاليليو جليلي في عام 1636م.

ولفهم النسبية بشكل جيد علينا فهم مبدأ جاليليو البسيط حيث أدرك أنه بمشاهدتك لشخص موجود في بطن مركب "لن يستطيع معرفة عما إذا كان المركب متحركا أم في حالة توقف" وهنا بدأ التفكير بالنسبية بشكل مبسط، وبعد دراساته توصل لوضع تحويل جاليليو الذي يعتمد على جمع وطرح السرعات كما نعهده (مثل راكب يجري داخل قطار متحرك في اتجاه سير القطار، فنعين سرعة الراكب بالنسبة للقضبان بجمع سرعة الراكب + سرعة القطار) وكان الفرض في ذلك الحين أن المكان مطلق والزمن مطلق. حيث ينطبق تحويل جاليليو على السرعات الصغيرة التي نعهدها في حياتنا اليومية.

وبعدها توصل إلى أن " كل تجربة نقوم بها تكون نتيجتها ثابتة غير متغيرة عندما نغير مكان إجراء التجربة من مكان إلى مكان، فلا يؤثر تغير المكان أو تغير الزمن أو تغير الاتجاه على نتيجة التجربة، يسمى عدم التغير هذا تناظر القوانين الطبيعية وعدم تغير قوانين الطبيعة بإجراء تحويل جاليليو تنطبق تماماً مع قوانين الانخفاض في الميكانيكا الكلاسيكية.

ثم جاء بعده لورينتز ووضع تحويلاته وهي عبارة عن مجموعة تحويلات تستخدم لتحويل الإحداثيات المكانية والزمانية في إطار مرجعي عطالي " المختبر 1 " إلى الإحداثيات الأربعة في إطار مرجعي آخر " المختبر 2 " وكانت تعتمد على وجود سرعة قصوى في الكون لا يمكن للأجسام تعديها، ألا وهي سرعة الضوء c في الفراغ، وتوصل إلى أن حصول الحدث في الإطار المرجعي العطالي (المختبر 1)  بالإحداثيات (t,x,y,z) وشوهد الحدث نفسه من (المختبر 2) بالإحداثيات (t',x',y',z') فيحتم مبدأ النسبية "تساوي القوانين الطبيعية في كلا المختبرين".

وفي عام 1905 صاغ ألبرت أينشتاين النظرية النسبية الخاصة -وكان عمره 25 سنة - وفسر مسألة انتشار الضوء على أساس أن الضوء هو أقصي سرعة في الكون وأنها ثابت فيزيائي في الفراغ لا تتغير "وتتضمن النظرية النسبية تحويلات لورينتز".

 

الآن يمكننا التطرق للنسبية الخاصة  بالإنجليزية:( Special Relativity, SR, Special Theory of Relativity, or STR) أو نظرية اللاتغير (The Theory of Invariance ) كما كان يسميها أينشتاين التسمية الأكثر دقة: وهي نظرية فيزيائية للقياس في إطار مرجعي عطالي اقترحها ألبرت أينشتاين عام كبديل عن نظرية نيوتن في الزمان والمكان لتحل بشكل خاص مشاكل النظرية القديمة فيما يتعلق بالأمواج الكهرومغناطيسية عامة والضوء خاصة، وتدعى "خاصة" لأنها تعالج حالة خاصة تتعلق بحركة المراجع (المختبرات) بالنسبة لبعضها البعض بسرعة منتظمة وفي خط مستقيم، وهي بذلك تهمل في البدء فيها تأثيرات الثقل التي ستتناولها فيما بعد النظرية العامة، العمل الذي قام به أيضًا أينشتاين عام 1915.

مبدأ النسبيةRelativity Principle: لا توجد خصوصية أو اختلافات في القوانين الطبيعية بين مختلف الجمل العطالية. فكل ملاحظ في أي جملة عطالية يجب أن يكون على توافق مع مراقب في جملة عطالية أخرى بشأن وصف الواقع الفيزيائي. (تأخذ قوانين الفيزياء التعبير الرياضي نفسه في جميع جمل المقارنة الخارجية الغاليلية، أي أن جميع جمل المقارنة الغاليلية متساوية فيزيائيا.) ولا توجد جملة مقارنة مطلقة (أي لا يوجد نظام في حالة الثبات المطلق). لذا لا يمكن عن طريق أية تجربة فيزيائية (ميكانيكية، بصرية...) تجرى ضمن جملة المقارنة تحديد إذا ما كانت هذه الجملة ساكنة بالنسبة لجملة أخرى أو تتحرك بحركة مستقيمة منتظمة، وتم توسيع هذا المبدأ ليشمل كل الأحداث الفيزيائية.

 

وتعمم النسبية الخاصة مبدأ النسبية لغاليليو غاليلي -الذي ينص على نسبية الحركة المنتظمة وعلى عدم وجود حالة سكون مطلق واضح (لا يوجد اطارات مرجعية مميزة "مطلقة") من الميكانيك إلى جميع قوانين الفيزياء، بما في ذلك قوانين الميكانيك والإلكتروديناميكا، أيًا كانت، وتتضمن النسبية الخاصة مبدأ ثبات سرعة الضوء لجميع المراقبين العطاليين مهما تكن حالة حركة مصدر الضوء.

ومنها تم التوصل إلىالنسبية العامة )وتُعرف أيضًا باسم النظرية العامة للنسبية( هي النظرية الهندسية للجاذبية نشرها ألبرت أينشتاين سنة 1915 والوصف الحالي للجاذبية في الفيزياء الحديثة، وتعمل النسبية العامة على تعميم النسبية الخاصة وقانون الجذب العام لنيوتن، حيث تقدِّم وصفًا موحَّدًا للجاذبية كخاصية هندسية للمكان والزمان "الزمكان" ،وبشكل خاص يرتبط انحناء الزمكان بشكل مباشر بالطاقة والزخم أيًا كانت المادة والإشعاع الموجودان، ويتم تحديد العلاقة بواسطة معادلات حقل أينشتاين، وهو نظام من المعادلة التفاضلية الجزئية.

تختلف بعض تنبؤات النسبية العامة بشكل كبير عن تنبؤات الفيزياء الكلاسيكية، خاصةً فيما يتعلق بمرور الزمان وهندسة المكان، حركة الأجسام في السقوط الحُر، وانتشار الضوء. ومن بين الأمثلة على هذه الاختلافات: الإبطاء الزمني الثقالي، عدسة الجاذبية، الانزياح الأحمر الجذبوي للضوء، والتأخير الزمني الثقالي، وقد تم تأكيد تنبؤات النسبية العامة فيما يتعلق بالفيزياء الكلاسيكية في كل الرصد والتجارب حتى الآن.

نظرية أينشتاين لها آثار مهمة في الفيزياء الفلكية، على سبيل المثال: هي تشير بقوة إلى وجود الثقوب السوداء كحالة نهائية للنجوم الضخمة، وهناك أدلة كثيرة على أن الإشعاع الكثيف المنبعث من أنواع معينة من الأجرام الفلكية يرجع إلى الثقوب السوداء. كذلك تنبأت النسبية العامة بوجود الموجات الثقالية، والتي تم رصدها بشكل مباشر من قِبل التعاون الفيزيائي "ليجو".

بالإضافة إلى ذلك تعد النسبية العامة هي أساس النماذج الكونية الحالية لكون يتوسع باستمرار، وعلى الرغم من أن النسبية العامة ليست النظرية النسبية الوحيدة للجاذبية، إلا أنها أبسط نظرية متسقة مع البيانات التجريبية، ومع ذلك تبقى الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها، والسؤال الأكثر أهمية هو كيف يمكن التوفيق بين النسبية العامة وقوانين فيزياء الكم لإنتاج نظرية كاملة ومتسقة ذاتيًا للجاذبية الكمية.